نصت النصوص
القرآنية الكثيرة على أن كل جزاء يناله الإنسان خيرا أو شرا، في الدنيا أو الآخرة
هو ثمرة من ثمار كسبه، وحصاد من نبت زرعه، فلا ينال الإنسان إلا ما كسبت يداه، قال
تعالى:﴿ فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ
فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ (آل
عمران:25)
ونرى
من خلال استقراء النصوص أربعة أوصاف للجزاء الإلهي، وكلها تنطلق من العدالة وتنتهي
إليها[1]:
أما
الأول، فهو أن هذا الجزاء يتساوى فيه الجميع، فلا يفضل فلان من الناس على غيره..
ولا تفضل فيه أمة على غيرها.. فالخلق كلهم خلق الله.. والعدل يقتضي أن يعاملوا
كلهم معاملة واحدة.
وأما الثاني، فهو
أن هذا الجزاء موزون بموازين دقيقة تسجل كل شيء، ولا يغيب عنها شيء.
وأما الثالث، فهو
أن هذا الجزاء، لا يناله صاحبه إلا بعد أن يحاكم محاكمة عادلة، يتاح له فيها أن
يستشهد من يشاء من الشهود، ويدافع عن نفسه بما استطاع أن يدافع.
وأما الرابع، فهو
أن هذا الجزاء متوافق تماما مع الأعمال، وكأنه حصاد لبذور الأعمال، فمن زرع شوكا
لن يجني إلا شوكا.
ونحسب أن هذه
الأربع كافية لبيان عدالة الجزاء الإلهي.. وسنحاول أن نرى أدلتها والمدى الذي
بلغته في المطالب التالية.
[1] سنرى علاقة الجزاء الإلهي بالرحمة في الفصل
الرابع من هذه الرسالة.