ونقدم لذلك بقوله
تعالى في الآية المحكمة التي تفسر على ضوئها جميع آي القرآن، وهي قوله
تعالى:﴿ وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا
تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا
بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ (الانبياء:47)
وقوله تعالى عند
ذكر دقة الموازين الإلهية:﴿ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا
لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ
(7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)﴾ (الزلزلة)
1 ـ المساواة:
الوصف الأول للجزاء
الإلهي هو المساواة، فالله تعالى يعامل عباده معاملة واحدة، والمعاملة الواحدة
تقتضي أن يجازى كل شخص بحسب عمله، لا بحسب هواه.
ولهذا كانت آخر آية
من القرآن الكريم، أو آخر وصية من الله لعباده هي قوله تعالى:﴿ وَاتَّقُوا
يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا
كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ﴾ (البقرة:281)
وهو المعنى الذي
أكدته بتعابير مختلفة كثير من آيات القرآن الكريم، قال تعالى:﴿ لا
يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا
اكْتَسَبَتْ﴾ (البقرة: 286)، وهذه الآية الكريمة جمعت بين العدالتين: عدالة
التكليف وعدالة الجزاء.
المكلفون:
وبهذا، فإن كسب
الإنسان وحده هو الذي يحدد مصيره، والعدل يقتضي تفرد الكسب بتحديد المصير حتى لا
ينجح في هذا الامتحان إلا الجادون المجتهدون