رسول الله a أصوله بالطاهرة والطيبة، وهما صفتان منافيتان للكفر والشرك،
كما قال تعالى يصف المشركين:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ﴾ (التوبة: 28)
وما نقل من سيرتهم
يدل على ذلك، وقد عقد علماء السيرة لذلك فصولا خصوها بالحديث عن أجداد رسول الله a وسمو أخلاقهم.
أما أمه، فإن ما
يروى عنها لا يدل إلا على أن لها مكانة من الولاية والاصطفاء لا يمكن لنا تصورها،
وقد روي عن أم سماعة بنت أبي رهم عن أمها قالت: شهدت آمنة بنت وهب في علتها التي
ماتت فيها ومحمد غلام يفع له خمس سنين عند رأسها، فنظرت إلى وجهه، ثم رددت أبياتا،
ثم قالت: كل حي ميت، وكل جديد بال، وكل كبير يفنى، وأنا ميتة وذكري باق، وقد تركت
خيرا وولدت طهرا)، ثم ماتت[1].
بل إن النبي a ـ فوق ذلك كله قرنها بأنبياء كرام، فقال، عندما سئل: يا رسول
الله أخبرنا عن نفسك، فقال:( أنا دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي حين حملت
بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام)[2]
وبذلك.. فإن الحديث
الذي نهي فيه a عن الاستغفار لها، ولو صح، فإن مثل هذه المرأة لا
يستغفر لها، بل يترضى عنها، ويسلم، ويصلى عليها، كما قال تعالى:﴿ قُلِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ﴾ (النمل: 59)
زيادة على أنه ليس
لها من الأدب.. ولا من تعظيم آل رسول الله a أن يقال (آمنة)
غفر الله لها.. فهذه الكلمة قد يستشعر بعض مرضى النفوس من معناها أنها كانت ذات
[2] رواه الحاكم وصححه والبيهقي، وقد ذكرت بعض
النسوة الحاضرات مولده - صلى الله عليه وسلم - هذه الأنوار، فعن عثمان بن أبى
العاص، قال: حدثتني أمي، أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله r ليلة ولدته، قالت: فما شئ أنظره في البيت إلا
نور، وإنى أنظر إلى النجوم تدنو حتى إنى لأقول: لتقعن على(رواه البيهقى)