المسلم لكانت قربة
وطاعة، فمن كان له مثل هذه الخيرات من الكفار فإنها تجمع وتوضع في ميزانه، غير أن
الكفر إذا قابلها رجح بها ولم يخل من أن يكون الجانب الذي فيه الخيرات من ميزانه
خفيفاً ولو لم يكن له إلا خيراً واحد أو حسنة واحدة لأحضرت ووزنت كما ذكرنا)
وهذا ينبني على أصل
مهم، سنتحدث عنه في فصل (الحكمة)، وهو أن الحسن والقبح ذاتيان لا اعتباريان،
وحقيقيان لا وهميان.. فالكذب قبيح مطلق[1]، والصدق حسن مطلقا.
ولهذا، فإن من كذب
من المؤمنين عوقب على كذبه.. ومن صدق من غيرهم جوزي على صدقه.
قد يقال: بأن
الكافر لم يقصد بعمله الطيب وجه الله.. وهو شرط من شروط الطاعة.
والجواب عن ذلك: أن
الجزاء نوعان:
جزاء إيجابي.. وذلك
بدخول الجنة، ونيل درجاتها، ولا شك أن هذا خاص بأن كان لهم حدا معينة من الطيبة
يستحقون به هذا الدخول، كما قال تعالى:﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا
رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ
أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ﴾ (الزمر:73)
والجزاء الثاني..
جزاء سلبي، ويعني أن ترفع العقوبات عن الذنوب التي ثبت عدم ارتكاب الجاني لها..
وبذلك يختلف عذاب هذا الكافر عن غيره ممن وقع في تلك الذنوب.
[1] قد يعتبرض على هذا بأن الكذب يحسن في بعض
الأحيان، فيجوز، والجواب عن ذلك أن جوازه لا يعني حسنه، ولكنه يعني أنه في ذلك
الحين يستعمل من باب الضرورة، ولو كان قبيحا، لا أنه حسن في ذاته.