فظننت أنهم أمتي،
فقيل لي: هذا موسى وقومه، ولكن انظر إلى الأفق، فنظرت فإذا سواد عظيم، فقيل لي:
انظر إلى الافق الآخر، فإذا سواد عظيم، فقيل لي: هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون
الجنة بغير حساب ولا عذاب، قيل: من هم؟ قال هم الذين: لا يرقون، ولا يسترقون، ولا
يتطيرون، ولا يكتوون، وعلى ربهم يتوكلون)[1]
فهؤلاء الذين نالوا
هذا الشرف لم ينالوه إلا بتوكلهم على الله، وثقتهم في الله، ولذلك جوزوا بأن لا
يحاسبوا، كما جوزي الصابرون بأن ينالوا من الأجور ما لا يمكن حسابه، قال
تعالى:﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ
أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا
يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ (الزمر:10)
فالصابرون الذي
ثبتوا في وجه البلاء وكل ما يصرفهم عن الله ـ والذين جعلهم الله حجة على غيرهم ـ
ينالون من الأجور ما لا يمكن تصوره.
وقد روي في
الأحاديث التي تذكر موازين الآخرة قوله a:( تنصب
الموازين يوم القيامة، فيؤتى بأهل الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل
الصيام فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين،
ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين، ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان
ولا ينتشر لهم ديوان ويصب عليهم الأجر صباً بغير حساب)[2]