وَسَطاً﴾ (البقرة: 143) قال: والوسط
العدل، فتدعون فتشهدون له بالبلاغ ثم أشهد عليكم)[1]
وفي حديث آخر تصوير مفصل لمحاورات ذلك
المشهد، قال a:( يجيء النبي يوم القيامة،
ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعي قومه فيقال: هل بلَّغكم هذا؟ فيقولون: لا فيقال
له: هل بلغت قومك؟ فيقول نعم: فيقال من يشهد لك، فيقول محمد وأمته فيدعى محمد
وأمته: فيقال لهم هل بلغ هذا قومه؟ فيقولون نعم. فيقال وما علمكم؟ فيقولون جاءنا
نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا فذلك قوله تعالى:
﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً
وَسَطاً﴾ (البقرة: 143)، قال عدلاً ﴿ لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى
النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً﴾ (البقرة: 143))[2]
لكن بعض المتهمين من أهل جهنم يستغل هذه
الفرصة المتاحة له ـ والتي لم يكن يظفر بمثلها في محاكم الدنيا ـ فلا يكتفي برفض
كل الشهود، مع كونهم صفوة الله من عباده، بل يحتال بالكذب الذي كان يحتال به في
الدنيا، بل يحتال بالقسم بالله الذي كان لا يعترف به، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:﴿ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ
فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا
مُشْرِكِينَ﴾ (الأنعام:23)، وقد قال ابن عباس في تفسيرها:( إنهم لما رأووا
يوم القيامة أن اللّه لا يغفر إلا لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يتعاظمه ذنب أن
يغفره، ولا يغفر شركاً، جحد المشركون فقالوا:﴿ وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا
كُنَّا مُشْرِكِين ﴾)[3]
وحينما يبلغ
إنكارهم للشهود منتهاه، ويجادلون في الطعن فيهم كما كانوا يجادلون في الدنيا
يأتيهم الله تعالى بما لا يطيقون دفعه، فيقيم عليهم الحجة من أنفسهم،