وعدل الله المرتبط
برحمته، لا ينقص لهم أي جزاء يجازيهم به، ولو أضيف من ذلك الجزاء لأبنائهم، قال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ
آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ
ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ
بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ (الطور:21)
ويربط الله تعالى
بين صبرهم على تحقيق حكمة الله من خلقهم وبين جزائهم، فيقول تعالى:﴿ إِنِّي
جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ﴾
(المؤمنون:111) ويقول تعالى:﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً
وَحَرِيراً﴾ (الانسان:12)
ولا يتعارض هذا مع ما
ورد من النصوص من أن دخول الجنة هو بمحض الرحمة، كما قال a:( لن يدخل أحداً منكم عملُه الجنةَ)، قالوا:( ولا أنت يا رسول
اللّه؟)، قال:( ولا أنا إلا أن يتغمدني اللّه تعالى برحمة منه وفضل)[1]
بل كما أخبر تعالى عن
مقالة المؤمنين بعد دخولهم الجنة من أنهم يقولون:﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ
الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ الَّذِي
أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا
يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ﴾ (فاطر:34 ـ 35)
فإن أقل نعمة من نعم
الله تعالى على عباده لا تكفئها جميع طاعات العبد، بل إن الطاعة نفسها نعيم من نعم
الله، فكيف يكون النعيم جزاء على النعيم، وقد ورد في الحديث عن جابر قال: خرج
علينا رسول اللّه a فقال: خرج من عندي خليلي جبريل آنفا فقال: يا محمد! والذي بعثك
بالحق إن لله عبدا من عباده عبد الله تعالى خمسمائة سنة على رأس جبل في البحر عرضه
وطوله ثلاثون ذراعا في ثلاثين ذراعا والبحر المحيط به بأربعة آلاف فرسخ من كل
ناحية، وأخرج الله له عينا عذبة بعرض الاصبع تبيض بماء عذب فتستنقع في أسفل الجبل،
وشجرة رمان تخرج في كل ليلة رمانة فتغذيه يومه، فإذا أمسى نزل فأصاب من الوضوء وأخذ
تلك