عزَّ وجلَّ ارجعوا فمن
وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه من النار)[1] ؛ وفي لفظ آخر:( أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه من
النار، فيخرجون خلقاً كثيرا)، ثم يقول أبو سعيد: اقرأوا إن شئتم:﴿ إِنَّ
اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا
وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)
ولكن هذه الرحمة التي ينالها هؤلاء لا تكون
على حساب العدل الذي يقتضي أن ينال كل ذي حق حقه، فلذلك وردت النصوص بأن حقوق
العباد لا يتسامح فيها، بل يأخذ المظلوم حقه كاملا غير منقوص.
وهذا مايشير إليه قوله تعالى:﴿
ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ﴾ (الزمر:31)، فالله تعالى يتيح في ذلك
اليوم لكل ذي حق أن يستقدم من يشاء ليطالبهم بحقه.
وقد ورد في الحديث
تصوير لبعض مشاهد العدل في أداء الحقوق لمستحقيها، وذلك حين سأل رسول الله a الصحابة، فقال:( أتدرون من المفلس؟)، فقالوا:( المفلس فينا من لا
درهم له ولا متاع)، فقال a:( إن المفلس من أمتي من
يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك
دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي
ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)[2]
فعدالة الله المطلقة
تقتضي أن لا يضيع أي حق من الحقوق مهما كان، ولذلك قال a:( من كانت له مظلمة لأحد من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم قبل
ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له
حسنات أخذ من سيئات صاحبه