من ملكي شيئاً، يا عبادي إنما هي أعمالكم
أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد اللّه، ومن وجد غير ذلك فلا
يلومن إلا نفسه) [1]
وقد يقال هنا: فما
القول فيما ورد في النصوص الكثيرة من محبة الله لطاعة عباده وفرحه بها وشكره
عليها، كقوله a:( لَلّهُ تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه
من أحدكم كانت راحلته بأرض الفلاة، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها،
فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة
عنده، فأخذ بخطامها، ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة
الفرح) [2]؟
والجواب على ذلك،
أن الله تعالى يفرح بهذه الطاعة، ويتقببلها ويجازي عليها من باب رحمته المحضة
بعباده لا لمنفعة تعود إليه، فهو سبحانه الغني الكريم، كما قال تعالى:﴿ إِنْ
تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ
وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ﴾ (الزمر: 7)
فالآية الكريمة
جمعت بين الإخبار عن غنى الله عن أعمال عباده، وفي نفس الوقت أخبرت أن رضاه في
شكرهم، وعدم رضاه في كفرهم.
زيادة على ذلك، فإن
الله هو الميسر للطاعات، والمعين عليها والموفق، ولوشاء لجعل الناس أمة واحدة، كما
قال تعالى:﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ
جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾
(يونس:99)