وأخبر أن الإنذار
موجه للذين يخشون ربهم بالغيب، كما قال تعالى:﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
بِالْغَيْبِ﴾ (فاطر: 18)، وقال تعالى:﴿ إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ
اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ
وَأَجْرٍ كَرِيمٍ﴾ (يّـس:11)
هذا من جهة، ومن
جهة ثانية، فإن هؤلاء الرسل ـ بالتأمل في حقيقة وظائفهم ـ ليسوا وسائط بالمعنى
الذي قد يفهمه المشركون.
فالله تعالى يخبر
عن عدم تميزهم عن البشر العاديين في البشرية، وأنه ليس لهم أي سلطة إلا ما خولوا
به من الله تعالى، قال تعالى:﴿ قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ
إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ
عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ
اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ﴾ (ابراهيم:11)،
وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ
أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً﴾
(الكهف:110)، وقال تعالى:﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى
إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ
وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ﴾ (فصلت:6)
حتى ما يتصرفون به
من تصرفات لا تكون إلا بإذن الله وباسمه، قال تعالى:﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا
رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ
لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ (الرعد: 38)
ولهذا نفى الله
تعالى الهداية عن أحب خلقه إليه،، فقال تعالى:﴿ إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ
أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ
بِالْمُهْتَدِينَ﴾ (القصص:56)، وقال له:﴿ أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ
النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ (يونس: 99) أي أتلزمهم وتلجئهم حتى
يكونوا مؤمنين.
وأخبره تعالى أنه
ليس من الوظيفة التي كلف بها الهداية بمعناها التوفيقي، فقال تعالى:﴿ لَيْسَ
عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ (البقرة: 272)