ثم لو طرحنا أحكام
الشريعة بهذا الأسلوب، فإن الكثير من الأحكام قد نعرضها للإلغاء خوفا من المفاسد
التي قد تنجر عنها.
بل إن ما ينكره ابن
تيمية وغيره على القدرية والجبرية وغيرهم لم يجرهم إلى القول به إلا الخوف من
المفاسد المنجرة على نقيض ما ذهبوا إليه[1].
وقد بينا في مواضع
كثيرة أن الكمال في اتباع كل ما ورد في الشريعة من غير تقديم جانب على جانب، بل إن
الحق في جوانبها المختلفة جميعا.
3 ـ الوسائط التقديرية:
ولكن كيف تنفى
الوسائط، والقرآن الكريم والنصوص النبوية الكثيرة تخبرنا بترتب الأسباب على بعضها،
فقد جعل تعالى المطر سببا لإنبات النبات، كما قال تعالى:﴿ وَمَا
أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ
مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾ (البقرة: 164)
ألا يعتبر المطر
بذلك واسطة بين إرادة الله لإحياء الأرض وتحقق ذلك الإحياء؟
أليس المطر بذلك
واسطة تحتاجها القدرة لإيجاد الإحياء؟
ومثل ما يقال في
المطر يقال في كل الأسباب، فهل هي وسائط، أم ماذا؟
والجواب عن ذلك: هو
أنه لا يمكن اعتبار المطر وغيره وسائط سواء أثبتنا هذه الأسباب واعتبرناها أو
تكلفنا تأويلها بصنوف التأويل:
نفي الأسباب:
[1] رددنا بتفصيل على ابن تيمية في هذه المسألة
وغيرها من المسائل التي تجرأ فيها على مقام النبوة، وكأنه يستدرك عليها ما قصرت
فيه من إتاحة ذرائع الشرك في كتابنا [شيخ الإسلام في قفص الاتهام]