على أكثر ما يوجد
من أقوال السلف مخالفا لبعض الأحاديث فان الاحاطة بحديث رسول لله a لم تكن لأحد من الأمة)[1]
ثم ذكر أن النبى a كان يحدث أو يفتى أو يقضى أو يفعل الشيء، فيسمعه أو يراه من
يكون حاضرا ويبلغه أولئك أو بعضهم لمن يبلغونه، فينتهي علم ذلك إلى من يشاء الله
من العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ثم في مجلس آخر قد يحدث أو يفتى أو
يقضى أو يفعل شيئا ويشهده بعض من كان غائبا عن ذلك المجلس ويبلغونه لمن أمكنهم،
فيكون عند هؤلاء من العلم ماليس عند هؤلاء، وعند هؤلاء ماليس عند هؤلاء.
ثم ذكر أن تفاضل
العلماء من الصحابة ومن بعدهم بكثرة العلم أو جودته لا بالإحاطة بجميع حديث رسول
الله a فهذا لا يمكن ادعاؤه.
ومما استدل به ابن
تيمية في التفريق بين حياته وموته a أنه ليس في طلب الدعاء
منه ودعائه هو والتوسل بدعائه ضرر، بل هو خير بلا شر، وليس في ذلك محذور ولا
مفسدة، فإن أحدا من الأنبياء ـ عليهم السلام ـ لم يعبد في حياته بحضوره، فإنه ينهي
من يعبده ويشرك به، ولو كان شركا أصغر كما نهى النبي a من سجد له عن السجود له، أما بعد موته، فيخاف الفتنة
والإشراك به كما أشرك بالمسيح والعزير وغيرهما[2].
والجواب عن هذا: ما
ذكرناه في الجواب الأول من أن حكم التوسل يختلف باختلاف المتوسل واعتقاده، فإن كان
يعتقد الوساطة الشركية، فهو حرام، بل قد يكون كفرا، أما إن أراد به التوسل
الإيماني الذي هو نتيجة استشعار محبة رسول الله a وشفقته على أمته فإن في ذلك من المصالح الإيمانية والتربوية
ما لا يصح طرحه من أجل هذه المفسدة المشكوكة.