ومخمصة وجدب
يطلبون تفريج الكربات وتيسير العسير وإنزال الغيث بكل طريق ممكن دليل على أن
المشروع ما سلكوه دون ما تركوه) [1]
والجواب عن هذا من
جهتين:
الأولى هي أن من
الصحابة ـ كما ذكرنا ـ في الباب السابق من رضي بحاله، ولم يسأل الله تغييره رضى
بقسمة الله، بل في حديث الأعمى دليل على استحباب ذلك، وقد ورد في الحديث أن امرأة جاءت
إلى النبي a، وبها طيف، فقالت:( يا رسول اللّه إني أصرع، وأتكشف،
فادع اللّه أن يشفيني)، فقال:( إن شئت دعوت لك أن يشفيك، وإن شئت صبرت ولك الجنة)،
فقالت:( بل أصبر ولي الجنة، ولكن ادع اللّه لي أن لا أتكشف)، فدعا لها فكانت لا
تتكشف[2].
والثانية أن اشتراط
تأييد كل ما ورد من الأحاديث القولية أو الفعلية لرسول الله a بالآثار الدالة على الفعل به من الصحابة يكلفنا شططا، بل
يلغي أكثر السنن.
فلذلك يكتفي
العلماء كلهم ـ بما فيهم ابن تيمية ـ بما ورد من الأحاديث، بل يرون أن في خلاف
الصحابة للأحاديث دليل على عدم بلوغ الحديث للصحابة، لا دليلا على ضعف الحديث أو
صرفه عن حقيقة معناه.
وقد جعل ابن تيمية
نفسه ـ هذا المعنى ـ من أسباب الخلاف الفقهي في كتابه (رفع الملام عن الأئمة
الأعلام)، بل اعتبره أول الأسباب، فقال:( السبب الأول أن لايكون الحديث قد بلغه،
ومن لم يبلغه الحديث لم يكلف أن يكون عالما بموجبه، وإذا لم يكن قد بلغه وقد قال
في تلك القضية بموجب ظاهر آية أو حديث آخر أو بموجب قياس أو موجب استصحاب فقد
يوافق ذلك الحديث تارة ويخالفه أخرى وهذا السبب هو الغالب