طبائعه من جواهر الطيبة
يرجع أسرار تشريعاته وخاصة ما غمض على العقل إدراكه أو صعب على الجوارح تنفيذه إلى
علم الله وخبرته.
ولذلك قال تعالى في تشريع القتال:﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ
لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ
وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:216)
فالله تعالى ينهى عن
الاستسلام لأذواقنا ورغباتنا فنحن نجهل بأنفسنا من أن نشرع لأنفسنا:
رب أمر تتقيه
جر أمرا ترتضيه
خفي المحبوب منه
وبدا المكروه
فيه
ولهذا قال a لرجل:( أسلم)، فقال:( أجدني كارهاً)، قال:( أسلم وإن كنت كارهاً)[1]
ومن هذا الباب قوله
تعالى في النهي عن العضل:﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا
تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ
بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ
الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا
تَعْلَمُونَ ﴾ (البقرة:232)
فالله تعالى نهى عن
اتباع ما تأمره به الأحقاد والضغائن وأعاد الأمر للزوجين، فهو أعلم بهما
وبرغبتهما.
* * *
ومثل خبرة الله
بتشريعاته وعلاقتها بمصالح الخلق، فإن القرآن الكريم يخبرنا عن علم الله المطلق
وخبرته بعواقب حياتنا وما يحصل لنا من مقادير، ولذلك كان تعالى أدرى بمصالحنا من
أنفسنا.
ومن أمثلة ذلك ما حصل
للصحابة عند انصرافهم من غير عمرة في صلح الحديبية،