كل الملوك يحكمون
فيما لا يملكون إلا الله تعالى، فإنه الملك المالك، فهو ملك في ملكه حاكم فيه،
فلذلك كان كل ما يفعله فيه ـ من ناحية العقل المجرد ـ جائز، فلا يسمى ظالما بحال
من الأحوال.
ولكن الله تعالى
برحمته كتب على نفسه أن لا يحكم الكون إلا بمقتضيات أسمائه الحسنى، التي هي كلها
محامد وحكم ورحمة.
وحكم الله للكون
ينتظم معنيين:
المعنى الأول هو
ملكية التدبير القدري، وهو الذي يتولاه تعالى، فينفع ويضر، ويعطي ويمنع، ويرسل
الريح أو يمسكها، وينشر رحمته على الأرض أو يقبضها على حسب ما تقتضيه حكمته
وأسماؤه الحسنى.
وملكية التدبير
التشريعي، والذي وكل للإنسان باعتباره خليفة، فأعطي من الحرية ما يجعله في موقف
الاختيار المؤقت بين تنفيذ أوامر الله وعدم تنفيذها.
وسنتحدث عن كلا
الملكين فيما يلي:
ملكية التدبير:
تولى الله تعالى ـ
كما ذكرنا في الفصل الماضي ـ تدبير هذا الكون وتصريف مقاديره، فلم يكلها لأحد من
خلقه، فكل ما يحدث في الكون بمشيئته وقدرته.
والله تعالى يرتب
ذلك على ملكه للأشياء وتحكمه فيها، كما قال تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ لَهُ
مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ﴾ (التوبة:116)، فالملك والمالك له السلطة
الكاملة في ملكه.
وآثار إدرك هذا
المعنى كثيرة جدا كلها تملأ المؤمن بالمعرفة الراقية والسلوك الرفيع والذوق
السامي: