وكل هذه الآيات
ينطلق منها المؤمن ليعيش في صحبة الكون صحبة ممتلئة بالتفاؤل والجمال، فهو لا يرى
الكون بسوداوية مقيتة، بل يراه نورا صرفا لا يحمل إلا السعادة.
ولذلك كانت مقادير
الله في عالم الخلق المرتبط بالنشأة الأولى هي الدليل الأول لمقادير الله في عالم
الخلق المرتبط بالنشأة الآخرة.
فالمؤمن لا يستغرب
ما يدخر الله له من خزائن جوده في الآخرة، ما دام يرى هذه الخزائن مفتوحة في
الدنيا.
وإلى هذا الإشارة بقوله a:(
ليس على أهل لا إله الا الله وحشة في الموت ولا في الحشر ولا في النشر كأنى أنظر
إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب يقولون: الحمد لله الذى اذهب عنا الحزن)[1]
هذه بعض أنوار
الرجاء التي يبثها النظر الحامد للكون.. ولذلك لا يصيب المؤمن أي ألم أو أي حزن،
وهو يختزن في نفسه هذه المعارف الجليلة.
وننبه هنا إلى
ناحية مهمة ربما تكون الإشارة إليها في بداية القرآن الكريم بسورة الفاتحة، وهي
قوله تعالى:﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الفاتحة:2)،
ومثلها قوله تعالى:﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ﴾
(الضحى:11) على اعتبار (ربك) هي موضوع