ويقول (جورج والد) أستاذ علم الأحياء في جامعة (هارفارد):( من أجل تشكيل
البروتين يجب التحام مئات أو آلاف الجزئيات (أحماض أمينية) بنِسب مختلفة وبأشكال
متنوعة على شكل سلسلة، وإن عدد أنواع البروتينات لا محدود حقاً، لأنه لايمكن
العثور على نوعين من الحيوانات يكون لهما نوع واحد من البروتينات، إذن فجزيئات
المواد العضوية تشكل مجموعة عظيمة لا حدود لتنوعها وتعقيدها يبعث على الحيرة، ومن
أجل صنع موجود حي واحد لا نحتاج إلى مقدار كاف ونسب معينة من انواع البروتينات
اللامتناهية فحسب، بل يجب ترتيبها ترتيباً صحيحاً أيضاً، أي ان بناءها له من
الأهمية ما لتركيبها الكيمياوي من الأهمية.. إن بناء البروتينات معقد حقاً، وإن
أعقد الأجهزة التي صنعها الانسان (كالعقل الألكتروني) هي بحكم الألعوبة مقابل أبسط
الكائنات الحية! يكفي الانسان أن يفكر في هذه العظمة لتتضح له استحالة الخلقة
الذاتية أو التصادفية)
***
بعد هذا نتساءل عن بعض آثار هذه المعرفة في نفس المؤمن، المؤمن الذي يتهم
بأن إيمانه بالقدر قد ملأه بالعجز والجهل والخرافة لنرى علاقة الإيمان بالقدرة، أو
علاقة النظر إلى قدرة الله التي بث مظاهرها في أكوانها في بث العزيمة في نفس
المؤمن وفي ملئه بالعلم والعقل.
1 ـ العزيمة:
أما العزم الناشئ عن معرفة قدرة الله، فلا يمكن تصوره، فالمؤمن الذي يرى
نفسه مستندا للقدرة التي لا يعجزها شيء، لا يخاف من أي شيء، وكيف يخاف والله ربه.
ولهذا اعتبر الله تعالى من أسباب الرعب
الذي يملأ النفوس الشرك، فقال تعالى:﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا
أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً