النشأة الأولى هي
النشأة التي جعلها الله غراسا للنشأة الآخرة، فحياتها مقدمة الحياة لا أصلها، وهي
لذلك حياة دنيا قصيرة تختلط فيها جميع الأشياء ليختار كل طبع ما يتلاءم مع طبعه.
هي أشبه بالتعليم
الابتدائي الذي تتميز فيه الكفاءات، ومنه تنشأ التخصصات.
أو هي أشبه بمراحل
التدريب التي يخوضها الإنسان في فترات حياته ليتمكن من عمل أو ليحترف حرفة.
وهي لذلك تجمع
النماذج المختلفة للنشأة الآخرة، التي هي الأصل والمستقر، فتجمع صورة الجنة مع
صورة النار، وريح الجنة، مع فيح جهنم، وأهل الجنة مع أهل النار.
في النشأة الدنيا
تحتجب القدرة بالحكمة ليقول الغافلون:( لا إله)، وليقول الموقنون الطيبون
مستدركين:( إلا الله)
ومع ذلك، فإن هذا
النشأة التي اقتضت الحكمة الإلهية المقترنة بالرحمة الإلهية إنشاءها بهذه الصورة
هي في حقيقتها دار ضيافة عظيمة، وكل ما فيها رحمة صرفة، ولكن العقول الغافلة قد لا
تبصرهذه الرحمة، لأنها كالأطفال لا تريد من الحياة إلا اللعب.
وقد أخبر a عن شمولية هذه الرحمة في الدنيا بقوله:( إن الله تعالى خلق
يوم خلق السموات والأرض مائة رحمة كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض، وجعل منها
في الأرض رحمة فبها تعطف الوالدة على ولدها، والوحش والطير بعضها على بعض