بعد هذه المقدمات التي
تبين لنا من خلالها سعة الرحمة الإلهية وشمولها، نحاول أن نطل من نافذة قوله تعالى:﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ (طـه:5) على بعض
تفاصيل الرحمة الإلهية الشاملة ومظاهرها، فالتفاصيل تعمق الإيمان وتحققه، وفي نفس
الوقت نرد بتوفيق الله على بعض الشبه التي قد تشوه جمال الرحمة الإلهية في الذهن
المؤمن.
وقد اخترنا من باب
القسمة العقلية حصر الحديث في هذا الباب على رحمة الله في النشأتين: النشأة الأولى
والنشأة الآخرة، ونحن نستغفرالله مسبقا من تقصيرنا في بيان رحمة الله الواسعة، فهي
من العمق والشمول ما لا يقدر بشر على الإحاطة به، ونستغفره قبل ذلك من أن نرى رأيا
أو نذهب مذهبا يخالف مراده، فهو اجتهاد المقصر الذي يبحث عن الحق أين كان، ويرجع
إليه كيف كان.