وهكذا جميع أجهزة
الجسم.. كلها تصيح بلسان فصيح مخبرة عما أودع الله فيها من رحمته بعباده.
2 ـ الرحمة الممزوجة:
وهي الرحمة التي
مزجت بعجين الآلام، أو هب عليها بعض فيح جهنم، وهي رحمة يرسلها الله ليطهر من
تدنست روحه، أو يرفع من تثاقل سره، أو يبرز عن حقيقته من تعفنت فطرته.
وهنا يقول الغافل
أو الجاحد: فلماذا تمزج هذه الرحمة بما يكدرها، ويحيلها في الأعين آلاما وشرا ينزه
الإله عنه؟
والجواب عن ذلك ـ
ابتداء ـ هو أن الآلام التي مزجت بهذه الرحمة، والشر الذي خلط بها لا ينسب إلى
الله، فليس من الله إلا الخير، وقد قال a:( لبيك وسعديك، والخير فى يديك، والشر ليس إليك) [1]
ولهذا ينزه الله
تعالى في الأسلوب القرآني من نسبة الشر إليه، ومنها قوله تعالى:﴿ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ
الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ﴾ (الفاتحة:7)، فإنه تعالى ذكر النعمة فأضافها إليه ولم يحذف
فاعلها، ولما ذكر الغضب حذف الفاعل، وبنى الفعل للمفعول، فقال:﴿ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ﴾، وقال في الإحسان:﴿ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ﴾