ولذلك نفى المحققون
من العلماء صحة تسمية الله تعالى باسم ( المنتقم)، فهو ليس من أسماء الله الحسنى
الثابتة عن النبى a، وإنما جاء في القرآن مقيدا، كقوله تعالى:﴿ إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ﴾
(السجدة: 22)، وقوله تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بآيَاتِ اللَّهِ لَهُمْ
عَذَابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ﴾ (آل عمران: 4)
مزيج الظالمين:
قد يقال بعد هذا:
فهل يفهم من هذا أن الخالق لذلك المزيج المؤلم غير الله، وأن الخالقية بذلك لا
ينفرد بها الله، فكيف يكون ذلك وقد عرفنا في سر التوحيد أن المتفرد بالخلق
والمشيئة هو الله، وأن كل ما يحدث في الكون أفعال الله؟
والجواب عن ذلك: إن
الله تعالى هو الرحيم الذي خلق كل شيء، وجعل لكل شيء من الحكم ما يصب في بحر
الرحمة التي هي منفعة محضة، لكن هذه الرحمة قد يعترضها ما يحيلها إلى ألم، ولا
يكون ذلك الاعتراض إلا من نفس الإنسان.
ولنضرب مثلا على
ذلك بهذه الأرض التي نعيش عليها، فإن الله تعالى جعلها رحمة صرفة، بكل ما فيها،
لكن فعل الإنسان الذي استغل ما وهب من عقل، وما عرف من قوانين، جعله يمزج هذه
الرحمة بأنواع الكدر والتلوث والآلام، بحيث قد تتحول بفعله إلى آلام محضة.
ولذلك قال تعالى:﴿ ظَهَرَ
الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ
بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (الروم:41)، فقد نسب
الله تعالى الفساد إلى كسب الناس.
وأخبر عن الكفرة
أنهم:﴿ أَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ ﴾ (الفجر:12)، وأخبر عن المجرم
الذي ﴿ إِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ
الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾ (البقرة:205)