ولم سكت؟ قال:(
لأنّ معشوقي كان بحذائي ينظر إليَّ، فقلت: فلو نظرت إلى المعشوق الأكبر قال: فزعق
زعقة خرّ ميتاً.
ولذلك يعتبر
الربانيون المنشغل بذاته عن ربه، أو الذين يعبدون الله على حرف، فلم يعبروا من
عبادته إلى معرفته، ولم يخرجوا من أنفسهم إليه قاصرين محاطين بأنواع الشوائب، وقد
قيل لعبد الواحد بن زيد: هاهنا رجل قد تعبد خمسين سنة، فقصده فقال له: يا حبـيب
أخبرني عنك هل قنعت به؟ قال: لا، قال أنست به؟ قال: لا، قال: فهل رضيت عنه؟ قال:
لا، قال: فإنما مزيدك منه الصوم والصلاة؟ قال: نعم، قال: لولا أني أستحي منك لأخبرتك
بأن معاملتك خمسين سنة مدخولة.
ومراده ـ كما يشرح
الغزالي ـ أنك لم يفتح لك باب القلب فتترقى إلى درجات القرب بأعمال القلب، وإنما
أنت في طبقات أصحاب اليمين، لأن مزيدك منه في أعمال الجوارح.
وعلى نهج هؤلاء
الصالحين، قال الإمام بديع الزمان النورسي:( المؤمن يعتقد بما يقول لذا يجد في كل
شئ باباً ينفتح الى خزائن الرحمة الإلهية، فيطرقه بالدعاء، ويرى أن كل شئ مسخَّر
لأمر ربه، فيلتجىء اليه بالتضرع. ويتحصَّن أمام كل مصيبة مستنداً الى التوكل،
فيمنحه ايمانه هذا الامان التام والاطمئنان الكامل) [1]
فلذلك ( لو أصبحت
الكرة الارضية قنبلة مُدمِّرة وانفجرت، فلربما لا تخيف عابداً لله ذا قلب منوَّر،
بل قد ينظر اليها أنها خارقة من خوارق القدرة الصمدانية، ويتملاها باعجاب ومتعة،
بينما الفاسق ذو القلب الميت ولو كان فيلسوفاً ـ ممن يُعدّ ذا عقل راجح