ولو أنا نرى أن
الله تعالى يخفف عنهم الآلام إلى درجة قد لا يحسون بها، وإلى ذلك الإشارة بما أخبر
عنه a من أن ( الشهيد لا مس القتل إلا كما يجد أحدكم مس
القرصة يقرصها) [1]
وقد يقال هنا: فإذا
كان الله قادراً على التفضل بالعوض وبأضعافه بدون توسط الألم فأى حاجة إلى توسطه؟
وهل يصح لأحدنا أن يؤلم غيره ثم يعوضه عن آلامه؟
والجواب عن ذلك: إن
الله تعالى مع مشيئته المطلقة التي لا يحدها شيء، ولا يحجر عليها حاجر أخبرنا ـ من
خلال النصوص الكثيرة ـ على أن حكمته تأبى وضع شيء في غير موضعه، لذلك ورد أنه ـ
بالنسبة للمكلفين ـ يوزع البلاء عليهم بحسب ما يصلحهم، كما ورد في الأثر الإلهي:(
وإن من عبادي المؤمنين لمن سألني من العبادة فأكفه عنه ولو أعطيته إياه لدخله
العجب وأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسده
ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسده ذلك وإن من
عبادي المؤمنين لمن لا يصلحه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي
المؤمنين لمن لا يصلحه إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك وإني أدبر لعبادي بعلمي
بقلوبهم إني عليم خبير) [2]
ولذلك ـ نؤمن
انطلاقا من ذلك ـ إيمانا جازما أن الرحمة في ذلك البلاء بغض النظر عن نوع الرحمة
في ذلك.
وقد أجاب بعض من
يسمى بالقدرية على هذا جوابا حسنا، فقال: إن الله تعالى لا يُمرض ولا يُؤلِم إلا
من يعلم من حاله أَنه لو أَطلعه على الأَعواض التى تصل إليه لرضى بالأَلم ولرغب
فيه لوفور الأعواض وعظمها.