ومثل ذلك قوله تعالى:﴿ وَمِنْ
كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾
(الذريات:49)، فقد كانت النظرة البدائية تتصور الزوجية منحصرة في أجناس معينة، لكن
العلم الحديث أثبت الكثير من مظاهر الزوجية في الأشياء مما يجعل منها معنى شاملا.
وهكذا، وبنفس
الأسلوب قال تعالى:﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ﴾ (لأعراف: 156)،
وقال تعالى:﴿ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً﴾
(غافر: 7)، فلذلك إن رأينا قصورا في إدراك شمولية هذا المعنى، فالمتهم هو عقولنا،
لا سعة رحمة الله.
الجواب
الثاني:
ونرجع فيه إلى اسم
الله ( الشكور) وقد ذكرنا في الفصل السابق أن هذا الاسم مفتاح لمعرفة الكثير من
حقائق الكون.
فالله تعالى برحمته
قد يستسخر من خلقه من يقوم بوظيفة معينة إظهارا لحكمة من حكمه أو لمقتضى من
مقتضيات أسمائه الحسنى، فإذا قام ذلك المستسخر بتلك الوظيفة جازاه عليها أضعاف
أضعاف الآلام التي تحملها.
فلذلك كان من حكمة
الله التي اقتضاها وجود الكون بهذه الصورة أن توجد الآلام التي قد نتوهمها آلاما
محضة، ولكنها في حقيقتها تنطوي على رحمة خفية إما في ذات وجودها، أو بما يترتب
عليها.
فلذلك من حكمة الله
أن يستسخر هؤلاء لتحمل بعض الآلام اللحظية ليستوفوا بعد ذلك أجورا تتناسب مع شكر
الله وجوده.