منع القران بوعده ووعيده مقل العيون بليلها أن
تهجعا
فهموا عن الملك الجليل كلامه فرقابهم ذلت إليه
تَخَضُّعا
ويروى من باعث
الخوف أن غلاماً بالبصرة اسمه صهيب كان يقوم الليل كله فقالت له سيدته: إنّ قيامك
بالليل يضر بعملك بالنهار، فقال: إنّ صهيباً إذا ذكر النار لا يأتيه النوم.
ويروى من باعث
الشوق أن بعض الصالحين رجع من غزوته فمهدت امرأته فراشها وجلست تنتظره، فدخل
المسجد ولم يزل يصلي حتى أصبح فقالت له زوجته: كنا ننتظرك مدة فلما قدمت صليت إلى
الصبح؟ قال: والله إني كنت أتفكر في حوراء من حور الجنة طول الليل، فنسيت الزوجة
والمنزل فقمت طول ليلتي شوقاً إليها.
ويروى عن اجتماع
الباعثين أنه قيل لغلام وهو يقوم كل الليل فقال: إذا ذكرت النار اشتدّ خوفي وإذا
ذكرت الجنة اشتدّ شوقي فلا أقدر أن أنام.
وجميع هؤلاء عارفون
بالله ومحبون له، ولكن الفرق بينهما في كمال المحبة والمعرفة ونوعها، ( فالعباد
المواظبون على ذكر الله بالقلب واللسان الذين يصدقون بما جاءت به الرسل بالإيمان
التقليدي ليس معهم من محاسن صفات الله تعالى إلا أمور جميلة اعتقدوها بتصديق من
وصفها لهم. والعارفون هم الذين شاهدوا ذلك الجلال والجمال بعين البصيرة الباطنة
التي هي أقوى من البصر الظاهر) [1]
وإلى هذا الاختلاف
الإشارة بقوله تعالى:﴿ قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى سَبِيلاً﴾
(الاسراء:84)
وإلى ذلك أيضا
الإشارة بقوله تعالى:﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى
رَبِّهِمُ