ولهذا اشتد خوف
السلف الصالح من هذا الورود، والذي يدل على استحالة كمال الاستقامة، عن قيس ابن
أبي حازم قال: كان عبد اللّه بن رواحة واضعاً رأسه في حجر امرأته فبكى، فبكت
امرأته، قال: ما يبكيك؟ قالت: رأيتك تبكي فبكيت، قال إني ذكرت قول اللّه تعالى:﴿ وَإِنْ
مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا ﴾،
فلا أدري أنجو منها أم لا؟ وكان مريضاً) [2]، وكان أبو ميسرة إذا أوى إلى فراشه قال: يا ليت أمي
لم تلدني، ثم يبكي، فقيل له: ما يبكيك يا أبا ميسرة؟ فقال: أخبرنا أنا واردوها ولم
نخبر أنا صادرون عنها، وعن الحسن البصري قال، قال رجل لأخيه: هل أتاك أنك وارد
النار؟ قال: نعم، قال: فهل أتاك أنك صادر عنها؟ قال: لا، قال: ففيم الضحك، قال:
فما رئي ضاحكاً حتى لحق باللّه.
وهذا الورود
المتيقن، والذي هو من مقتضيات حكمة الله التي تأبى دخول غير الطيبين، يختلف
باختلاف درجات الخبث ونوعه، وقابلية صاحبه للتطهير، وقد قال عبد اللّه بن مسعود :(
يرد الناس جميعاً الصراط، وورودهم قيامهم حول النار، ثم يصدون عن الصراط بأعمالهم،
فمنهم من يمر مثل البرق، ومنهم من يمر مثل الريح، ومنهم من يمر مثل الطير، ومنهم
من يمر كأجود الخيل، ومنهم من يمر كأجود الإبل، ومنهم من يمر كعدو الرجُل، حتى إن
آخرهم مراً رجل نوره على موضع قدميه يمر فيتكفأ به الصراط، والصراط دحض مزلة، عليه
حسك كحسك القتاد، حافتاه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس) [3]
ومع انسجام هذا
الورود لحكمة الله، فهو ينسجم كذلك مع رحمته، فلا يعرف