قيمة الجنة من لم
يعرف النار، ولا يعرف قيمة النجاة من لم يرد موارد الهلكة، ولا يعرف قيمة القرب
إلا من صلي بنار البعد.
* * *
وقد كانت النصوص
الكثيرة السابقة في وعيد هذا الصنف بعدم دخول الجنة سببا فيما ذهبت إليه طوائف
الوعيدية من خلود مرتكبي الكبائر في جهنم، ومع أن هذا القول يتنافى مع الكثير من
النصوص الدالة على خروج الموحدين من الجنة، والتي سنعرضها في محلها من هذا الفصل،
إلا أنه لا ينبغي التشنيع على القائلين بهذا القول أو عدهم مبتدعة بهذا.
فالحكمة الإلهية
تقتضي وجود من يقول بهذا غضبا لمحارم الله، بل قد ورد في النصوص ما يشير إلى أن من
طوائف الملائكة من خلقه الله غيورا لمحارم الله، فلذلك يشتد غيظه على العصاة وادا
لو أقحم بهم في جهنم.
وإلى ذلك الإشارة
بقوله تعالى:﴿ وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ﴾ (المدثر:27)، فقد قال
ابن عباس في تفسيرها:(من يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب) [1]، فاعتبر هذا من كلام الملائكة.
وعلى ذلك يفسر ما
ورد في النصوص من اختصام الملأ الأعلى، كما قال a في قول الله تعالى له:( هل تدري فيما اختصم الملأ الأعلى)، قال a:( قلت: نعم يا رب
في الكفارات والدرجات، قال: فما الكفارات؟ قلت: إنشاء السلام، وإطعام الطعام، وصلة
الأرحام، والصلاة والناس نيام، قال: فما الدرجات؟ قلت: إسباغ الطهور في المكروهات
ومشي على الأقدام إلى الجماعات، وانتظار الصلاة بعد الصلاة؛ قال: