وعلى ذلك أيضا يفسر
ما ورد في الآحاديث من أنه (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول
أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا) [2]
بل ذلك يفسر ما جعل
الله تعالى لكل مؤمن من الملائكة الكتبة، فمنهم من يحصي الحسنات، ومنهم من يحصي
السيئات، كما قال تعالى:﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
عَتِيدٌ﴾ (قّ:18)
وكما أن رحمة الله
سبقت غضبه، فقد جعل ملك الرحمة أمينا على صاحب الشمال، قال الأحنف بن قيس :( صاحب
اليمين يكتب الخير وهو أمين على صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال له: أمسك،
فإن استغفر اللّه تعالى نهاه أن يكتبها وإن أبى كتبها)
ومثل ذلك منكر
ونكير ومبشر وبشير، وملائكة الجنة وملائكة النار..
ومثل هذا حصل في
المدارس الإسلامية، حيث خاف بعضهم من مفاسد الأمان، وخاف بعضهم من مفاسد القنوط،
ومن مفسدة تكذيب البشرى ومفسدة ثقة الانسان بنفسه وحوله وقوته وعلمه، فكانت هذه
المقاصد هي الحامل على هذه الأقوال.
* * *
ولكن مع هذا العذر
الذي نقيمه لهؤلاء الوعيدية، مقدرين غضبهم لمحارم الله، وإعمالهم لظواهر النصوص
التي تدل على هذا الوعيد الشديد، إلا أن الحق الذي نعتقده هو ما دلت عليه النصوص
من سبق الرحمة الإلهية، وأن العذاب ليس مقصودا لذاته، بل