responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : أسرار الأقدار نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 561

والجواب عن ذلك، بمثال بسيط، وهو أن من الخلق من يرده عن غيه تقلده لمنة، أو سماعه لكلمة طيبة، أو استشعاره لشعور نبيل، فمعدنه يتقبل ذلك، ويستسيغه، بل قد يؤثر فيه هذا السلوك أكثر من جميع أنواع العقاب، بينما نجد من الخلق من لا يردعه إلا طول العقاب، وأنواع العذاب، فلذلك لا تردعه الكلمة الطيبة ولا الموقف النبيل، فإن ردع ظاهرا لم يردع باطنا، وإن ردع لحظة رجع بعدها.

وبمثل هذا، ولله المثل الأعلى، أحوال الآخرة، فمن الخلق ـ وهم أكثر الخلق ـ من لا يجدي معه إلا الشدة والتعنيف والقسوة لكف نفسه الرعناء، فلذلك أخبرت النصوص أن أكثر تطهيرات الآخرة من نوع العقوبات، ومنها ما يقبل التطهير بهذا النوع الذي سماه الشرع شفاعة، ومنها ما يحتاج إلى النوعين، فيطهر بالشفاعة والنار جميعا، بحسب ما دنس فطرته الأصلية من ذنوب.

ونرى أن لهذه الشفاعة شروطها الخاصة بها، وأهمها التعلق بالشافع ومحبته، وهي المحبة التي تحرق خطايا المحب خاصة إن علم المشفوع له بتدخل الشافع بإذن الله في محو أوزاره، وقد تؤخر هذه الشفاعة لذلك إلى ان تستقر هذه المحبة في قلب ذلك المعذب، فيستحق بذلك شفاعة الشافعين.

والشفاعة بذلك ليست وساطة، فوحدانية الله تتنافى مع الوسطاء، ورحمة الله أعظم من أن تحتاج إلى الوسطاء.

ولكن الله تعالى شاء برحمته، كما شاء في الدنيا أن يفيض فضله على عباده عبر عباده، أن يجعل من عباده شفعاء، فيكرمهم من جهة، ويطهر المشفوع فيهم من جهة أخرى.

ومثل ما ذكرنا في الحكمة من ظهور طوائف الوعيدية كانت الحكمة في ظهور منكري الشفاعة، فإن هناك من قعد عن العمل والكسب طمعا في الشفاعة، فكان القول

نام کتاب : أسرار الأقدار نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 561
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست