ثغاء ينادي: يا
محمد يا محمد! فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم
القيامة يحمل جملاً له رغاء يقول: يا محمد يا محمد؟ فأقول: لا أملك لك من اللّه
شيئاً قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يوم القيامة يحمل فرساً له حمحمة ينادي: يا محمد يا
محمد! فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئا قد بلغتك، ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة
يحمل قسماً من أدم ينادي: يا محمد يا محمد! فأقول: لا أملك لك من اللّه شيئاً قد
بلغتك) [1]
بل منه وأوضح
دلالة مع تعرضه للتأويل ـ قوله a:( ألا وإنه يجاء برجال
من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك
فأقول كما قال العبد الصالح:﴿ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ
اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَا دُمْتُ
فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ
تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ (المائدة:117
ـ 118)، فيقال: إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم) [2]
***
فكيف نتعامل ـ إذن
ـ مع هذه النصوص، ونحن إن قدمنا أحدها أخرنا الآخر، والشرع طالبنا بتقديمها جميعا؟
والجواب عن ذلك،
والله أعلم، أن الشفاعة نوع من أنواع التطهير، كما أنها سبب من أسباب الرحمة.
قد يستغرب هذا،
فالشفاعة رحمة صرفة، والتطهير ـ كما رأينا في النصوص ـ عذاب محض، فهل يستوي حنان
الشفاعة ولطفه مع شدة العذاب وقسوته؟