لمن شاء من عباده،
فيدخلون بالشفاعة إلى الجنة، أو يخرجون بالشفاعة من النار، فهل تملك الشفاعة
لهؤلاء أن يطهروا من ذنوبهم، ومما لحق فطرتهم من الدنس؟
والجواب عن ذلك،
والله أعلم، أن النصوص المقدسة كما أخبرت عن جدوى الشفاعة وتأثيرها، وهي من
التواتر والكثرة ما لا يمكن غض الطرف عنه، أو تحريفه بأنواع التأويل، فقد ورد
مقابل ذلك كذلك ما يدل على عدم جدواها.
فقد قال تعالى:﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ
لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ
يُطَاعُ﴾ (غافر:18)، وقال
تعالى:﴿ لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ
وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ
لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلا نَصِيراً﴾ (النساء:123)، وقال تعالى:﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً
وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلا هُمْ
يُنْصَرُونَ﴾ (البقرة:48)، وغيرها من آيات القرآن الكريم.
ولا يصح تأويل هذه
النصوص ـ كما أولها بعضهم ـ من أن المراد منها الكافرون دون المؤمنين، بدليل ما
ورد في صفة الكافرين، كما قال تعالى:﴿ فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ﴾ (المدثر:48)،
لأن ما في النصوص يثبت عدم صحة هذا التأويل.
ومن ذلك قوله a لأهل بيته، وهم
أقرب الناس إليه:( إلا ان لي عملي ولكم عملكم، إلا اني لا أغني عنكم من الله شيئا،
إلا ان أوليائي منكم المتقون، ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تاتون بالدنيا تحملونها
على رقابكم، ويأتي الناس يحملون الآخرة. يا صفية بنت عبد المطلب، يا فاطمة بنت محمد،
اعملا فاني لا أغني عنكما من الله شيئا) [1]
ومنه قوله a في تاركي الزكاة:( لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة
لها