ونقل
لتأييد كلامه عن ابن عربي في (الفتوحات) قوله : (فعمرت الداران أي دار النعيم ودار
الجحيم، وسبقت الرحمة الغضب، ووسعت كل شيء حتى جهنم ومن فيها، والله أرحم الراحمين،
وقد وجدنا في نفوسنا ممّن جبل على الرحمة بحيث لو مكّنه الله في خلقه لأزال صفة العذاب
عن العالم، والله قد أعطاه هذه الصفة، ومعطي الكمال أحق به، وصاحب هذه الصفة أنا وأمثالي،
ونحن عباد مخلوقون أصحاب أهواء وأغراض، ولا شك أنه أرحم بخلقه منا، وقد قال عن نفسه
إنه أرحم الراحمين، فلا نشك أنه أرحم بخلقه منا، ونحن عرفنا من نفوسنا هذه المبالغة)
ونقل
عن القيصري قوله : (واعلم أن من اكتحلت عينه بنور الحق يعلم أن العالم بأسره عباد الله،
وليس لهم وجود وصفة وفعل إلا بالله وحوله وقوته، وكلهم محتاجون إلى رحمته، وهو الرحمن
الرحيم، ومن شأن من هو موصوف بهذه الصفات أن لا يعذب أحداً عذاباً أبداً)[1]
ذكر
صدرالدين الشيرازي في الأسفار: أن جميع الحركات الطبيعية والانتقالات في ذوات الطبائع
والنفوس إلى الله وبالله وفي سبيل الله، والانسان بحسب فطرته داخلة في السالكين اليه،
وإذا حصلت في الكافر والمنافق والعاصي ملكات ردية حاصلة عن الكفر والنفاق والعصيان،
فلا شك ينحرف عما فطر عليه، وبقدر انحرافه عن الفطرة يعاقب في الآخرة، والآلام دالة
على وجود جوهر أصلي ـ وهي الفطرة ـ يقاوم الهيئات الحيوانية الردية والألم الناشىء
من هذه الهيئات، والتقاوم بين المتضادين ليس بدائم ولا بأكثري، ولما كان الجوهر النفساني
من الانسان غير قابل للفساد، ومبدأ العذاب أمر عارض على