بينما الذي ينازع القدر
يدرك أن أي حركة يفعلها أو أي اتجاه اتجه إليه هو قدر الله:﴿ فَأَيْنَمَا
تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ﴾ (البقرة: 115)، فلذلك يعرف الحق لأهله،
فيتأدب مع عالم الحكمة كما تأدب مع عالم القدرة.
وهو أكثر معرفة لأنه
يعرف الله بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العليا، بينما المستسلم لا يعرف من أسماء
الله إلا ما يبرر تواكله وعجزه.
ولهذا جمع a بين حقائق التوحيد في القدر، وبين القوة، فقال a:( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير،
احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت
لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان)[1]
وقد حض a على هذه المنازعة ليرد الأوهام عن التطبيقات الخاطئة للإيمان بالقدر
لما قيل له:( أرأيت أدوية نتداوى بها ورقى نسترقي بها وتقاة نتقيها هل ترد من قدر
الله شيئا؟) فقال a:( هي من قدر الله تعالى)[2]
وفي حديث آخر، قال a:( لا يغنى حذر من قدر، والدعاء ينفع مما نزل ومما ينزل، فإن البلاء
ينزل فليقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة)[3]
وإلى هذا المعنى أشار
قوله a:( يقول الله يا ابن آدم انما هى أربع واحدة لى وواحدة لك وواحدة
بينى وبينك وواحدة بينك وبين خلقى، فأما التى لى فتعبدنى لاتشرك بى شيئا، وأما
التى لك فعملك أجزيك به أحوج ما تكون اليه، وأما التى هى بينى وبينك فمنك الدعاء
وعلى