الإجابة، وأما التى
بينك وبين خلقى فأت الى الناس بما تحب أن يأتوه اليك) [1]
فهذا الحديث نظم علاقات
المؤمن حتى لا يطغى بعضها على بعض، ومن أهم ما نظمه علاقة المؤمن بالله.. فالله هو
الرب الإله.. والعبد هو المربوب المتوجه لله بالعبودية.. وأول ما يقتضيه هذا
التوجه أن لا ينازع العبد ربه في ربوبيته فينفي قدره، وأن لا يتخلى عن وظائف
عبوديته، بحجة قدر ربه.
التسليم للأقدار:
قد يقال بعد هذا: كيف
يقال هذا.. ونحن نرى المسلمين بعلمائهم وأوليائهم، بل بمصادرهم النصية يتحدثون عن
التسليم للمقادير.. وأن الكمال في ذلك التسليم، وأن من نازع الأقدار كان خصما لله،
وللنظام الذي أراد الله؟
والجواب عن هذا.. هو أن
كل ما تحدث عنه في هذا الجانب يحمل على نوعين:
أما النوع الأول، وهو
الذي أمر الشرع بالتسليم له تسليما مطلقا، وعدم منازعته في شيء، فهو القدر الذي
ليس للإنسان فيه أي اختيار، لأن منازعته لا دور لها إلا تحطيم قلب صاحبها من غير
أن يكون لها أي تأثير عملي.
وهذا النوع من التسليم
في الحقيقة هو نوع من الدعوة إلى العمل والاجتهاد، لأن أكبر ما يقعد الإنسان عن
العمل الجاد الماضي بآلامه والمستقبل بمخاوفه، لهذا قال تعالى:﴿ مَا
أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ
مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ (الحديد:22) ثم قال
بعدها:﴿ لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا
آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ
﴾ (الحديد:23)
أي أعلمناكم بتقدم
علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها، وتقديرنا الكائنات قبل