الأخلاق
المحمودة - يخالف معنىً التذللَ الذي هو من الأخلاق الـمذمومة مع أنه يشابهه صورة،
وكما أن الوقار الذي هو من الخصال الحميدة يـخالف معنىً التكبّر الذي هو من الأخلاق
السيئة مع أنه يشابهه صورة.. فكذا الـحال في الاقتصاد الذي هو من الأخلاق النبوية
السامية، بل هو من المحاور التي يدور عليها نظام الحكمة الإلهية المهيمن على الكون،
لا علاقة له أبداً بالخسة التي هي مزيج من السفاهة والبخل والجشع والحرص.. بل ليست
هناك من رابطة بينهما قطعاً، إلاّ ذلك التشابه الظاهري.
قال الرجل:
فما دمت تعتقد هذا الاعتقاد، فكيف أكرمتنا بهذا الكرم.. فقد علمنا أنك أنت الذي
أنفقت عليه.
قال الجاحظ:
بل الله هو الذي أنفق عليكم، وما أنا إلا واسطة..
قال الرجل:
أليس ما فعلته أسرافا؟
قال الجاحظ:
ألا تعرف ما قدم إبراهيم u لأضيافه؟
قال الرجل:
بلى.. لقد ذكر الله ذلك، فقال :﴿ فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ
سَمِينٍ (26)﴾ (الذاريات)
قال الجاحظ:
ما دمت قد ذكرت ذلك، فما صنعت أنا بجنب ما صنع الخليل؟
قلنا: فحدثنا
عن سر اختيارك لهذا القسم لتدرس فيه دون سائر الأقسام.
قال الجاحظ:
لقد هداني إلى ذلك أولا واقع عشته، ثم سنن تأملتها، رأيت للبخل فيها أثره الخطير
في هدم النفس وهدم المجتمعات بل هدم الأمم.
وقد قصدت
النصوص المقدسة لأتأكد من مدى صحة اكتشافي، فوجدتها تقرر هذه الحقيقة، بل تضع لها
من الأهمية فوق ما اكتشفته.
لقد قال a
يذكر مدى تأثير البخل في تفكك المجتمعات: (اتّقوا الظّلم؛ فإنّ الظّلم ظلمات يوم
القيامة، واتّقوا الشّحّ، فإنّ الشّحّ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا