وروي أنّ
النّبيّ a قام خطيبا فقال: (أيّها النّاس، عدلت شهادة
الزّور إشراكا باللّه) ثمّ قرأ رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
:﴿ فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ
(30)﴾ (الحج)[1]
قال رجل منا:
لم حظي التحذير من شهادة الزور كل هذا الاهتمام من التوجيهات القرآنية والنبوية؟
قال
الماوردي: لأن لأصل في الشّهادة أن تكون سندا لجانب الحقّ، ومعينة للقضاء على
إقامة العدل، والحكم على الجناة الّذين تنحرف بهم أهواؤهم وشهواتهم، فيظلمون أو
يبغون، أو يأكلون أموال النّاس بالباطل، فإذا تحوّلت الشّهادة عن وظيفتها، فكانت
سندا للباطل، ومضلّلة للقضاء، حتّى يحكم بغير الحقّ، استنادا إلى ما تضمّنته من
إثبات، فإنّها تحمل حينئذ إثم جريمتين كبريين في آن واحد.
الجريمة
الأولى: عدم تأديتها وظيفتها الطّبيعيّة الأولى.
الجريمة
الثّانية: قيامها بجريمة، تهضم فيها الحقوق، ويظلم فيها البرآء، ويستعان بها على
الإثم والبغي والعدوان[2].
المنع:
قلنا: عرفنا
الثالث.. فحدثنا عن الرابع.. حدثنا عن العدوان بالمنع.
قال
الماوردي: لقد أشار رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم إلى هذا الركن من
أركان العدوان في قوله:( ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به)[3]، وقوله:( أيما أهل عرصة بات فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله وذمة
رسوله)[4]