بل نص القرآن
الكريم على هذا الركن في مواضع مختلفة بصيغ مشددة تدل على أن الأمر ليس موكولا
لرغبات الناس، وإنما هو واجب من واجبات الدين، فلا يصح أن يموت الناس جوعا في نفس
الوقت الذي تمتلئ يه خزائن الكثيرين، ولو دفعوا الزكاة.
فالواجب هو
إغناء المحتاجين بأدنى ما يجب إغناؤهم به، وما الزكاة إلا وسيلة لذلك، إن كفت فبها،
وإن لم تكف وجب في أموال الجميع ما يكفيهم.
والقرآن
الكريم يحض على هذا ويصرح به ويشير إليه، قال تعالى :﴿ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا
كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ
يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)
قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ
(44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ
الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)﴾ (المدثر)
فقد اعتبر
تعالى عدم إطعام المساكين من الجرائم التي تسبب الدخول في جهنم، بل تقرن هذه
الجريمة بترك الصلاة، ثم تقدم على التكذيب بالدين، ثم يتوعدون بعدم نفع الشافعين
فيهم.
بل لم يعف
القرآن الكريم من هذا الواجب حتى العامة من الناس الذين لا يملكون ما يطعمون غيرهم،
لأنه لم يأمر بالإطعام فقط، بل أمر بالحض على الإطعام، ليشمل هذا الأمر الجميع،
قال تعالى :﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (17) وَلَا
تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (18) وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلًا
لَمًّا (19) وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا (20)﴾ (الفجر)