تكلم أكثر من
كان حاضرا، وكان كلاما وقحا أكد لي ما ذكره محسن بن فيض الله.
بعد أن
انتهوا من كلماتهم الممتلئة بالبذاءة والوقاحة، قال محسن: تريثوا يا أهل هذه السوق
الكرام.. نعم أنا أتيتكم بالكلام.. ولكنه ليس كلاما مجردا.. إنه كلام..
قاطعه بعضهم،
وقال: الكلام هو الكلام.. ولا شيء غير الكلام.. هيا بنا ننفض عنه.. لقد كنت أعلم
أني أضيع وقتي بالجلوس إليه..
ردد آخر نفس
ما ردده الأول، فارتفع الضجيج..
لكن محسنا
كان في غاية الذكاء، فقد أمر من معه بأن يسمعوا الحاضرين رنين الدراهم والدنانير..
فما إن سمعوها حتى امتلأت السوق بصمت عميق قطعه محسن بقوله: لقد جئتكم بهذه أيضا..
سال لعاب
الحاضرين، وامتلأوا بخشوع عظيم.. ثم قال بعضهم: هاتها.. فطالما رأيناك محسنا.
قال آخر: بل
أنت الإحسان عينه.
قال آخر: لو
أن الدنيا كلها كانت في كفك لجدت بها.
قال آخر: لا
أظن من قال هذه الأبيات إلا يقصدك..
ثم راح ينشد:
تراه إذا
ما جئتَه متهلِّــلاً
ولو لم يكن في كفّه غيرُ رُوحه
كأنَّك تعطيه الذي أنت نائلُهْ
لجاد بها فليتَّقِ اللهَ سائلــــــــه
قال آخر:
ومثله من قال:
أقول
لمرتاد الندى عند مالك
فتى جعل الدنيا وقاء لعرضه
فلو خذلت أمواله جود كفه