التفت
المسعودي إليه، وقال[1]: اعلم أن الحسد لا يكون إلا على نعمة، فإذا أنعم الله على أخيك بنعمة
فلك فيها حالتان: إحداهما: أن تكره تلك النعمة وتحب زوالها، وهذه الحالة تسمى
حسداً.. فالحسد حده (كراهة النعمة وحب زوالها عن المنعم عليه)
والحالة
الثانية: أن لا تحب زوالها ولا تكره وجودها ودوامها، ولكن تشتهي لنفسك مثلها..
وهذه تسمى غبطة، وقد تختص باسم المنافسة، بل قد تسمى حسدا.. ولا حرج في التسمية
بهذا.. ففي الحديث قال رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم :(لا حسد إلّا في
اثنتين: رجل آتاه اللّه مالا فسلّطه على هلكته في الحقّ، ورجل آتاه اللّه حكمة فهو
يقضي بها ويعلّمها)[2]
قال الرجل:
فالأولى هي الحسد؟
قال
المسعودي: أجل.. وهو حرام بكل حال، إلا كراهيتك لنعمة أصابها فاجر أو كافر ليستعين
بها على تهييج الفتنة وإفساد ذات البين وإيذاء الخلق، فلا يضرك كراهتك لها ومحبتك
لزوالها، فإنك لا تحب زوالها من حيث هي نعمة بل من حيث هي آلة الفساد، ولو أمنت
فساده لم يغمك بنعمته.
قال آخر: إنا
نرى الحسدة مختلفين.. فمنهم من يحب زوال النعمة عن المحسود، وإن كان ذلك لا ينتقل
إليه.. ومنهم من يحب زوال النعمة إليه لرغبته في تلك النعمة، مثل رغبته في دار
حسنة أو ولاية نافذة أو سعة نالها غيره وهو يحب أن تكون له، ومطلوبه تلك النعمة لا
زوالها عنه، ومكروهه فقد النعمة لا تنعم غيره بها.. ومنهم من لا يشتهي عين النعمة
لنفسه بل يشتهي مثلها، فإن عجز عن مثلها أحب زوالها كيلاً يظهر التفاوت بينهما..
ومنهم من يشتهي لنفسه مثل النعمة فإن لم تحصل فلا يحب زوالها عنه.