قال
المسعودي: التعجب، كما أخبر الله تعالى عن الأمم السالفة إذ قالوا لأنبيائهم
:﴿.. مَا أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا وَمَا أَنْزَلَ الرَّحْمَنُ
مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَكْذِبُونَ (15)﴾ (يس)، وقالوا:﴿
أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا وَقَوْمُهُمَا لَنَا عَابِدُونَ (47)﴾
(المؤمنون)، وقالوا :﴿.. مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ
مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ
أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ (34)﴾
(المؤمنون)
انظروا كيف
تعجب هؤلاء الجاحدون من أن يفوز برتبة الرسالة والوحي والقرب من الله تعالى بشر
مثلهم فحسدوهم، وأحبوا زوال النبوة عنهم جزعاً أن يفضل عليهم من هو مثلهم في
الخلقة، لا عن قصد تكبر وطلب رياسة وتقدم عداوة أو سبب آخر من سائر الأسباب، بل قالوا
متعجبين :﴿.. أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا (94)﴾ (الإسراء)
قال الرجل:
فما الخامسة؟
قال
المسعودي: الخوف من فوت المقاصد، وذلك يختص بمتزاحمين على مقصود واحد، فإن كان
واحد يحسد صاحبه في كل نعمة تكون عوناً له في الانفراد بمقصوده، ومن هذا الجنس
تحاسد الضرات في التزاحم على مقاصد الزوجية، وتحاسد الأخوة في التزاحم على نيل
المنزلة في قلب الأبوين للتوصل به إلى مقاصد الكرامة والمال، وكذلك تحاسد
التلميذين لأستاذ واحد على نيل المرتبة من قلب الأستاذ، بل كذلك تحاسد الواعظين
المتزاحمين على أهل بلدة واحدة إذا كان غرضهما نيل المال بالقبول عندهم، وكذلك
تحاسد العالمين المتزاحمين على طائفة من المتفقهه محصورين، إذ يطلب كل واحد منزلة
في قلوبهم للتوصل بهم إلى أغراض له.