قال
المسعودي: حب الرياسة وطلب الجاه لنفسه من غير توصل إلى مقصود.. وذلك كالرجل الذي
يريد أن يكون عديم النظير في فن من الفنون إذا غلب عليه حب الثناء واستفزه الفرح
بما يمدح به من أنه واحد الدهر وفريد العصر في فنه وأنه لا نظير له، فإنه لو سمع
بنظير له في أقصى العالم لساءه ذلك وأحب موته أو زوال النعمة عنه التي بها يشاركه
المنزلة من شجاعة أو علم أو عبادة أو صناعة أو جمال أو ثروة أو غير ذلك مما يتفرد
هو به ويفرح بسبب تفرده.
ومن هذا
الباب أتي علماء اليهود الذين أنكروا معرفة رسول الله صلیاللهعلیهوآلهوسلم
ولم يؤمنوا به مخافة أن تبطل رياستهم واستتباعهم مهما نسخ علمهم.
قال الرجل:
فما السابعة؟
قال المسعودي:
خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى، فإنك تجد من لا يشتغل برياسة وتكبر ولا
طلب مال إذا وصف عنده حسن حال عبد من عباد الله تعالى فيما أنعم الله به عليه يشق
ذلك عليه، وإذا وصف له اضطراب أمور الناس وإدبارهم وفوات مقاصدهم وتنغص عيشهم فرح
به، فهو أبداً يحب الإدبار لغيره ويبخل بنعمة الله على عباده كأنهم يأخذون ذلك من
ملكه وخزانته.
وهذا ليس له
سبب ظاهر إلا خبث في النفس ورذالة في الطبع عليه وقعت الجبلة، ومعالجته شديدة لأن
الحسد الثابت بسائر الأسباب أسبابه عارضة يتصور زوالها فيطمع في إزالتها، وهذا خبث
في الجبلة لا عن سبب عارض فتعسر إزالته إذ يستحيل في العادة إزالته.
قال آخر:
عرفنا الحطب الذي يوقد نار الحسد، فما الماء الذي يطفئ ناره؟ وما المرهم الذي
يعالج به المريض المحترق بنار الحسد؟