فِي الْأَرْضِ
فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَO(النمل:69)، وغيرها من الآيات الكثيرة وهي
كلها دعوة إلى التخلص من قيود التراب والوطن والتثاقل إليهما.
وهذه المفاهيم هي
التي جعلت كثيرا من الصالحين يسيحون في الأرض، ينشرون دين الله ويربون الناس عليه
ويتعلمون العلم النافع، فمات بعضهم مشرقا ومات آخر مغربا لتشهد الأرض على تضحيتهم
بالأرض في سبيل الله، تلك التضحية التي عوضهم الله بها التمكين في الأرض، قال تعالى
:﴿ وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾(النور:55)
وهذا الوعد الحق
ليس خاصا بالصحابة بل هو عام لكل عبد صالح، قال تعالى :﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ
بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِي الصَّالِحُونَ﴾ (الأنبياء:105)
وهكذا لا يخسر
المؤمن شيئا بعدم تعلقه بالأرض، لأن الأرض لن تضيع منه إن ترك تعلقه القلبي بها
وركونه وتثاقله الجسدي إليها، بل إنه سيكسب بدل ذلك التعلق آفاقا جديدة ورؤى جديدة
تجعل منه عالمي النزعة واسع الطموح