فأولئك عسى الله
أن يتوب عليهم لضعفهم المادي الحقيقي لا الضعف النفسي المجازي.
ولهذا يقص القرآن
الكريم علينا كثيرا من قصص المهاجرين في سبيله بدءا من الأنبياء الذين لا نكاد
نستثني واحدا منهم من الهجرة.
والقرآن الكريم
يرغب في الهجرة في سبيل الله ويعد صاحبها الفضل العظيم الدنيوي والأخروي، قال تعالى
:﴿ وَمَنْ يُهَاجِرْ
فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ
يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ
الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا
رَحِيمًا﴾(النساء:100)
فالمهاجر في سبيل
الله في حماية الله وفي سعة من فضل الله وإن مات فهو من الشهداء، وقد ورد في
الحديث قولهa :( من خرج حاجاً فمات، كتب له أجر الحاج إلى يوم
القيامة، ومن خرج معتمراً فمات، كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج
غازياً في سبيل الله فمات، كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة)[1]
والهجرة في الشرع،
بهذا المفهوم، لا تقتصر على الرحلة من بلد الحرب إلى بلاد الإيمان، بل تتعداه إلى
آفاق الحياة الواسعة، ولهذا جاءت الآيات الكثيرة تحث على السير في الأرض للعلم
وللبحث وللاعتبار، قال تعالى :﴿ قُلْ
سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ
النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(العنكبوت:20)، وقال تعالى :P قُلْ سِيرُوا
[1]
أبو يعلى في مسنده (6357)، وفي معجمه (101)، والطَّبرانيُّ في الأوسط
(5321)، وابن ابي حاتم في العلل (973)، والبَيهَقِيُّ في الشعب (3806)