لها، وبذلك يحكم
الشيطان لنفسه بالبراءة، ويكفر بكل ذلك التعظيم والطاعة التي عبد بها من دون الله
في أجيال الأرض الطويلة، قال تعالى :﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ
اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ
لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي
فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا
أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِي مِنْ قَبْلُ إِنَّ
الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾(إبراهيم:22)
وما ذكره القرآن
الكريم عن نهاية وسوسته للإنسان بإلقائه في الكفر ذكره عن حاله بعد نهاية كل
وسوسة، حيث يولي مدبرا تاركا فريسته يتمرغ في أوحال تزييناته، وهذه الحادثة التي
وقعت للمشركين مثال على ذلك، قال تعالى :﴿ وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ
لَا غَالِبَ لَكُمْ الْيَوْمَ مِنْ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا
تَرَاءَتْ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ
إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ
الْعِقَاب﴾ (الأنفال:48)
ولعل هذا النص
يشير إلى ما تستشعره النفوس بعد حصولها على اللذة التي باعت في سبيلها كل فضيلة،
فإنها بمجرد الظفر بها تشعر بنوع من الكآبة ومن القلق الداخلي الذي لا يعرف سببه.
وما سببه إلا
انقطاع تيار التزيين الذي كان متصلا بقلب المستعد له، فيحرم من أبسط ما كان
ينتظره، ويعادى من أقرب الناصحين لنفسه الشيطان الرجيم.
ولهذا أمرنا
بالإستعاذة الدائمة منه، وسن لنا النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم الكثير من
المأثورات