في ذلك، قال تعالى
:﴿ وَإِمَّا
يَنْزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾(فصلت:36)
ولكن التزيينات لا
تتوقف عند الشيطان فهناك آلا ف الشياطين الذين يوسوسون كل حين ثم يخنسون، فلا هم
يفترون ولا هم ييأسون، قال تعالى :﴿ وَقَيَّضْنَا
لَهُمْ قُرَنَاءَ فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ
وَحَقَّ عَلَيْهِمْ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ
الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ﴾ (فصلت:25)
وقد جاء التسمية
القرآنية لهذا الموسوس بلفظ القرين ليشير إلى الملازمة الدائمة التي تتحول بها
الأفكار والطبائع، فالملازمة أصل التزيين، والإلف جذر الاستحسان، وما انشغال
الإنسان بصنوف الزينة التي لا يرى غيرها إلا نتيجة لذلك الإلف الذي يحجب عن البصر
الرؤية السوية، فلا تفرق بين العسل والسم.
وقد اعتبر القرآن
الكريم في هذه الآية قرين السوء رسولا من الله إليه، فالله هو المقيض لذلك القرين،
لأن حكمة الله تعامل كل جوهر بحسب استعداده، ولهذا جاء في قوله تعالى :﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَانِ
نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ﴾(الزخرف:36)
وما يشير إلى سر
ذلك التقييض، وهو العشى الذي حجب بصيرته عن ذكر الرحمن، وما أنسب هذا الاسم لهذا
الموضع، فهذا الضال عشى عن ذكر الرحمن وابتعد عن مقتضياته ليقع تحت سلطان أسماء
أخرى من المضل والمنتقم والجبار، فإنه لا فرار لأحد بحال من الأحوال عن أسماء الله
الحسنى.