والقرآن الكريم
يذكر خطبة القرين وتبريه كما ذكر خطبة الشيطان، وكما ذكر خطب المستكبرين
والمستضعفين ليبين حقيقة ذلك التزيين، وأنه لم يكن سوى مساحيق وضعت على الدماء
وحلي وحلل كسي بها كل شخت دميم، قال تعالى :﴿ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا
أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيد﴾ (ق:27)
ويبين القرآن
الكريم أن هذا القرين أو مثله كان من أصحاب المؤمن في الدنيا، ولكن المؤمن الذي لم
يعشو عن ذكر الرحمن لم يكن مستعدا لقبول تزييناته، فالرحمن يحفظه من كل ما لا
يقتضيه اسمه الجليل، قال تعالى يخبر عن ذلك المشهد الأخروي في مسامرة جرت بين أهل
الجنة:﴿ قَالَ قَائِلٌ
مِنْهُمْ إِنِّي كَانَ لِي قَرِينٌ يَقُولُ أَئِنَّكَ لَمِنْ الْمُصَدِّقِينَ
أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَدِينُونَ﴾ (الصافات:53)
ولهذا، فإن المزين
الحقيقي هو الله لاقتضاء ضرورة تمييز الجواهر ذلك التزيين، ولكن الملوم هو العبد
القاصر الأعمه الذي لم ير من تزيينات الله إلا ما يناسب استعداده، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ
لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ﴾(النمل:4)
لأن الله تعالى
زين كل شيء، وخلق كل شيء في منتهى الحسن والجمال ليحصل بذلك الحسن البلاء، قال تعالى
:﴿ إِنَّا جَعَلْنَا
مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا﴾ (الكهف:7)
والقرآن الكريم
يضرب أمثلة كثيرة عن ذلك التزيين منها ما هو في أعالي