للتفكير أن يخرج عن إطار التفكير في مصالحي التي لا
تنتهي.
قلت: وأنت قد
حاربت اللاجئين إلى أرضك، والأقلية المستضعفة في بلدك.
قال: أجل..
ذلك صحيح، وقد سجله ربي في القرآن الكريم، لقد قال عند ذكره لبعض جرائمي، وهو يمن
على المستضعفين الذين أخطأوا في التعامل مع فضل الله :﴿ وَإِذْ
نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ
أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ
عَظِيمٌ﴾ (البقرة:49)
قلت: وأنت قد
حاربت رعيتك بعد ذلك كله، فاستعبدتهم، وحلت بينهم وبين عبادة الله.
قال: أجل..
لا أزال أذكر الخطبة التي قلت فيها :﴿ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ
وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ أَمْ أَنَا خَيْرٌ
مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ
أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ﴾ (الزخرف:51
ـ 53)
قلت: لا أزال
متعجبا من طاعة قومك لك.. أكانوا يملكون عقول عصافير.. ألم يكن ضعفك واضحا لديهم؟
قال: دعني
منهم.. فلولاهم ما ادعيت ما ادعيت.. إن ضعف الرعية وذلتها وهوانها هي سبب ما ينزل
بها المستبد من ألوان الهوان.. إنهم شركاء في كل الجرائم التي وقعت فيها.. ألم
تسمع قوله تعالى:﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ
كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾ (الزخرف:54)
سمعت أصواتا
كثيرة قبيحة ـ كقبح صوت فرعون ـ ترتفع، وكأنها تحتج..صحت: ما هذا الصياح الذي يصخ
الآذان؟
قال الصوت:
ألا ترى ما يقول هذا المستبد الذي لم يكتف بما أذاقنا من ألوان الهوان في الدنيا،
حتى راح يحملنا أوزاره..