قال: وقد
استجاب موسى المؤمن الطيب الصادق لاستنجادنا، فراح يدعو الله بكل صدق أن يخلصنا
مما حصل لنا.. لكننا وبعد أن كشف عنا البلاء رحنا ننكث العهود.
قلت: لقد ذكر
الله تعالى ذلك، فقال: ﴿فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى
أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ﴾ [الأعراف: 135]
قال: وحينها
حلت بنا سنة الله التي لا تتبدل ولا تتغير ولا تحابي أحدا من الناس.
قلت: لقد ذكر
الله تعالى ذلك، فقال: ﴿فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي
الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ﴾
[الأعراف: 136]
قال: صدق ربي
فيما قال.. فقد أقام علينا الحجة، وأرسل لنا الرسل، لكن الشياطين التي كانت مستوية
على عروش قلوبنا حالت بيننا وبين التسليم للحق أو الإذعان له.. وهذه هي العاقبة
التي ينالها كل مستكبر طاغية ظالم.
***
بينما كنا
كذلك إذا بمرآة تتنزل من السماء.. ثم يظهر على صفحتها الجميلة الصافية مناظر
ممتلئة بالجمال.. وكأنها الجنة بعينها قد تنزلت في تلك الكهوف المظلمة..
تصورت في
البداية أنها نوع من النعيم يساق للمعذبين في تلك الكهوف كنوع من الراحة لهم..
لكني وجدت فرعون يصيح بكل أنواع الألم.. ويغمض عينيه حتى لا يرى تلك المرآة
الجميلة.
فجأة ظهرت
على سطح المرآة الصقيلة صورة امرأة في منتهى الجمال، كانت تقول بصوت جميل فصيح: ﴿رَبِّ
ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ
وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التحريم: 11]