قال: حين قال
هذا رحت أستعمل كل أساليب في الترغيب والترهيب عساها تنزله من برجه العاجي.. لكنه
لم يتلفت لذلك بل راح يخاطبني ويخاطب الملأ حولي بقوله: ﴿وَيَاقَوْمِ مَا
لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41)
تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ
وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) لَا جَرَمَ أَنَّمَا
تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ
وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ
(43) فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ
اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44)﴾ [غافر: 41 - 44]
قلت: أرى أن
هذا الرجل المؤمن ومثله السحرة حدثوك عن الجنة والنار.. وعن النعيم والعذاب..
قال: أجل..
كانوا يذكرونني هذا الموقف الذي أعيش فيه.. وكانوا يصورونه لي بكل دقة.. لكني ـ لكبريائي
وغروري ـ لم ألتفت لتلك المشاهد الجميلة والمؤلمة التي يصورونها لي.. لأن بصيرتي
كانت لا ترى إلا ذاتي، وقلبي لم يمكن يسكن فيه غيري.. ولذلك حجبت عن الحقيقة، وأنا
الآن أدفع فاتورة ذلك الحجاب.
قلت: لقد ذكر
الله تعالى أنه ابتلاك وقومك بأنواع من البلاء لعلكم تبصرون، فقال: ﴿فَأَرْسَلْنَا
عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ
آيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ﴾
[الأعراف: 133]
قال: أجل..
فقد حصل لنا ما ذكره القرآن بدقة .. وتعذبنا بذلك عذابا أليما.. واضطررت حينها إلى
أن أستنجد بموسى عن طريق بعض أتباعي المخلصين.. عساه يخلصنا مما حصل لنا.
قلت: لقد ذكر
الله تعالى ذلك، فقال:﴿ وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا
يَامُوسَى ادْعُ لَنَا