قال: لقد شاء الله أن يكمل النساء دور الرجال.. فلذلك
لم تكن لثورة الإمام الحسين لتفعل مفعولها، وتؤدي دورها في الحياة لولا هؤلاء
الزينبيات.
قلت: أعرف
السيدة زينب.. وأعرف مكانتها العظيمة في قلوب جميع المسلمين، وقد ترجم لها المؤرخ
الكبير ابن الاثير بقوله : (زينب بنت علي بن أبي يطالب القريشية الهاشمية، وأمها
فاطمة بنت رسول الله a أدركت النبي a وولدت في حياته.. وكانت امرأة عاقلة لبيبة، جزلة،
زوجها أبوها علي من عبد الله بن أخيه جعفر، فولدت له علياً وعوناً الأكبر وعباسا
ومحمداً وأم كلثوم، وكانت مع أخيها الحسين لما قتل وحملت الى دمشق وحضرت عند يزيد
بن معاوية، وكلامها ليزيد حين طلب الشامي أختها فاطمة بنت علي من يزيد مشهور مذكور
في التواريخ، وهو يدل على عقل وقوة جنان)[1]
قال: ما ذكره
هذا المؤرخ من عقلها وقوة جنانها هو الصفة الكبرى التي يشترك فيها هؤلاء الزينبيات
جميعا، فلا يمكن لثورة أهل السلام أن تتم دون عقل وقوة.
قلت: ما صدر
عنها في كربلاء وما بعدها من الأيام أكبر دليل على ذلك، فعندما شاهدت الإمام
الحسين مقتولا مسلوب العمامة والرداء صاحت بابن سعد: (ويحك أيقتل أبو عبد الله وأنت
تنظر إليه؟!)، فصرف وجهه عنها، فصاحت : ( ويحكم، أما فيكم مسلم؟)، فلم يجبها أحد.
وعندما مر
ركب الأسارى على الحسين وأصحابه، فصاح النساء ولطمن خدودهن، صاحت زينب بكل قوة:
(يا محمداه صلى عليك ملائكة السماء، هذا الحسين بالعراء، مرمل بالدماء، مقطع
الأعضاء وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفى عليها الصبا، فأبكت كل عدو وصديق)[2]